قوله جلّ ذكره: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ}.يريد إذا انسلخ الحُرُمُ فاقتلوا مَنْ لا عهدَ له من المشركين، فإنَّهم- وإن لم يكن لهم عهد وكانوا حُرُماً- جعل لهم الأمانَ في مدة هذه المُهلَة، (....) فكرتم يأمر بترك قتال مَنْ أَبَى كيف يرضى بقطع وصال مَنْ أَتَى؟!قوله جلّ ذكره: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُمُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}.أَمَرَهم بمعالجة جميع أنواع القتال مع الأعداء.وأَعْدَى عدوِّك نَفْسُكَ التي بين جَنْبَيْك؛ فسبيلُ العبدِ في مباشرة الجهاد الأكبر مع النَّفْس بالتضييق عليها بالمبالغة في جميع أنواع الرياضات، واستفراغ الوسع في القيام بصدق المعاملات. ومِنْ تلك الجملة ألا ينزلَ بساحات الرُّخَصِ والتأويلات، ويأخذَ بالأشقِّ في جميع الحالات.قوله جلّ ذكره: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.حقيقة التوبة بالرجوعُ بالكلية من غير أن تتركَ بقية. فإِذا أَسْلَم الكافرُ بعد شِرْكه، ولم يُقَصِّرْ في واجبٍ عليه من قِسْمَىْ فِعله وتَرْكِه، حَصَلَ الإذنُ في تَخْلِيَةِ سبيله وفكِّه:إن وَجَدْنَا لِمَا ادَّعَيْتَ شهوداً *** لم تَجدْ عندنا لحقٍّ حدوداوكذلك النَّفْسُ إذا انخنست، وآثارُ البشرية إذا انْدَرَسَتْ، فلا حَرَجَ- في التحقيق- في المعاملات في أوان مراعاة الخطرات مع الله عند حصول المكاشفات. والجلوسُ مع الله أَوْلَى من القيام بباب الله تعالى، قال تعالى فيما ورد به الخبر: «أنا جليس مَنْ ذكرني».