سورة التوبة - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


منْ وَفَّى الحقَّ في عقدِه فَزِدْه على حفظِ عهدهِ؛ إذ لا يستوي مَنْ وفَّاه ومنْ جفاه.


قوله جلّ ذكره: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ}.
يريد إذا انسلخ الحُرُمُ فاقتلوا مَنْ لا عهدَ له من المشركين، فإنَّهم- وإن لم يكن لهم عهد وكانوا حُرُماً- جعل لهم الأمانَ في مدة هذه المُهلَة، (....) فكرتم يأمر بترك قتال مَنْ أَبَى كيف يرضى بقطع وصال مَنْ أَتَى؟!
قوله جلّ ذكره: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُمُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}.
أَمَرَهم بمعالجة جميع أنواع القتال مع الأعداء.
وأَعْدَى عدوِّك نَفْسُكَ التي بين جَنْبَيْك؛ فسبيلُ العبدِ في مباشرة الجهاد الأكبر مع النَّفْس بالتضييق عليها بالمبالغة في جميع أنواع الرياضات، واستفراغ الوسع في القيام بصدق المعاملات. ومِنْ تلك الجملة ألا ينزلَ بساحات الرُّخَصِ والتأويلات، ويأخذَ بالأشقِّ في جميع الحالات.
قوله جلّ ذكره: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
حقيقة التوبة بالرجوعُ بالكلية من غير أن تتركَ بقية. فإِذا أَسْلَم الكافرُ بعد شِرْكه، ولم يُقَصِّرْ في واجبٍ عليه من قِسْمَىْ فِعله وتَرْكِه، حَصَلَ الإذنُ في تَخْلِيَةِ سبيله وفكِّه:
إن وَجَدْنَا لِمَا ادَّعَيْتَ شهوداً *** لم تَجدْ عندنا لحقٍّ حدودا
وكذلك النَّفْسُ إذا انخنست، وآثارُ البشرية إذا انْدَرَسَتْ، فلا حَرَجَ- في التحقيق- في المعاملات في أوان مراعاة الخطرات مع الله عند حصول المكاشفات. والجلوسُ مع الله أَوْلَى من القيام بباب الله تعالى، قال تعالى فيما ورد به الخبر: «أنا جليس مَنْ ذكرني».


إِذا استجار المُشْرِكُ- اليوم- فلا يُردُّ حتى يسمَع كلام الله، فإِذا استجار المؤمنُ طول عمره من الفراق- متى يُمْنَعُ من سماع كلام الله؟ ومتى يكون في زمرة مَنْ يقال لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108].
وإذ قال- اليوم- عن أعدائه: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} فإِن لم يؤمن بعد سماع كلامه نُهِيَ عن تعرضه حيث قال: {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}- أترى أنه لا يُؤَمِّنُ أولياءَه- غداً- مِنْ فراقه، وقد عاشوا اليومَ على إيمانه ووفائه؟! كلا.. إنه يمتحنهم بذلك، قال تعالى: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103].
ثم قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} فإذا كان هذا بِرَّه بِمَنْ لا يَعْلَم فكيف بِرُّه بِمَنْ يعلم؟
ومتى نُضَيِّعُ مَنْ يَنِيخُ بِبَابِنَا *** والمُعْرِضون لهم نعيمٌ وافِرُ!

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8